فصل: الآيات (153 - 156)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيات 150 - 152

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال‏:‏ أولئك أعداء الله اليهود والنصارى، آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى، وآمنت النصارى بالإنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن ومحمد، فاتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان ليستا من الله، وتركوا الإسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي وابن جريج‏.‏ نحوه‏.‏

 الآيات 153 - 156

أخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال‏:‏ جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ إن موسى جاءنا بالألواح من عند الله فائتنا بالألواح من عند الله حتى نصدقك، فأنزل الله ‏{‏يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء‏}‏ إلى ‏{‏وقولهم على مريم بهتانا عظيما‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال‏:‏ إن اليهود والنصارى قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم‏:‏ لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله، من الله إلى فلان أنك رسول الله، وإلى فلان أنك رسول الله، فأنزل الله ‏{‏يسألك أهل الكتاب‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال‏:‏ قالت اليهود‏:‏ إن كنت صادقا أنك رسول الله، فآتنا كتابا مكتوبا من السماء كما جاء به موسى‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏أن تنزل عليهم كتابا من السماء‏}‏ أي كتابا خاصة‏.‏ وفي قوله ‏{‏جهرة‏}‏ أي عيانا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏فقالوا أرنا الله جهرة‏}‏ قال‏:‏ إنهم إذا رأوه إنما قالوا جهرة أرنا الله، قال‏:‏ هو مقدم ومؤخر‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه قرأ ‏"‏فأخذتهم الصعقة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏فأخذتهم الصاعقة‏}‏ قال‏:‏ الموت، أماتهم الله قبل آجالهم عقوبة بقولهم ما شاء الله أن يميتهم ثم بعثهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ‏{‏رفعنا فوقهم الطور‏}‏ قال‏:‏ جبل كانوا في أصله، فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة، فقال‏:‏ لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فقالوا‏:‏ نأخذه وأمسكه الله عنهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا‏}‏ قال‏:‏ كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس ‏{‏وقلنا لهم لا تعدوا في السبت‏}‏ قال‏:‏ أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا لها، وأحلت لهم ما خلا ذلك، وفي قوله ‏{‏فبما نقضهم‏}‏ يقول‏:‏ فبنقضهم ميثاقهم ‏{‏وقولهم قلوبنا غلف‏}‏ أي لا نفقه ‏{‏بل طبع الله عليها‏}‏ يقول‏:‏ لما ترك القوم أمر الله، وقتلوا رسوله، وكفروا بآياته، ونقضوا الميثاق الذي عليهم، طبع الله على قلوبهم ولعنهم حين فعلوا ذلك‏.‏

وأخرج البزار والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ الطابع معلق بقائمة العرش، فإذا انتكهت الحرمة، وعمل بالمعاصي، واجترئ على الله، بعث الله الطابع فطبع على قلبه، فلا يقبل بعد ذلك شيئا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وقولهم على مريم بهتانا عظيما‏}‏ قال‏:‏ رموها بالزنا‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن علي قال‏:‏ قال لي النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن لك من عيسى مثلا أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له‏"‏‏.‏ والله تعالى أعلم‏.‏

 الآيتان 157 - 158

أخرج عبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت إثنا عشر رجلا من الحواريين، فخرج عليهم من غير البيت ورأسه يقطر ماء، فقال‏:‏ إن منكم من يكفر بي اثني عشر مرة بعد أن آمن بي، ثم قال‏:‏ أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي، فقام شاب من أحدثهم سنا، فقال له‏:‏ اجلس‏.‏ ثم أعاد عليهم فقام الشاب، فقال‏:‏ اجلس‏.‏ ثم أعاد عليهم فقام الشاب، فقال‏:‏ أنا‏.‏ فقال‏:‏ أنت ذاك، فألقى عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء‏.‏ قال‏:‏ وجاء الطلب من اليهود، فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه، وكفر به بعضهم اثني عشر مرة بعد أن آمن به، وافترقوا ثلاث فرق، وقالت طائفة‏:‏ كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء، فهؤلاء اليعقوبية‏.‏ وقالت فرقة‏:‏ كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء النسطورية، وقالت فرقة‏:‏ كان فينا عبد الله ورسوله، وهؤلاء المسلمون‏.‏ فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ‏{‏فآمنت طائفة من بني إسرائيل‏}‏ يعني الطائفة التي آمنت في زمن عيسى، وكفرت الطائفة التي كفرت في زمن عيسى ‏{‏فأيدنا الذين آمنوا‏}‏ في زمن عيسى بإظهار محمد دينهم على دين الكافرين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ‏{‏وقولهم إنا قتلنا المسيح‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ أولئك أعداء الله اليهود، افتخروا بقتل عيسى، وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه، وذكر لنا أنه قال لأصحابه‏:‏ أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول‏؟‏ قال رجل من أصحابه‏:‏ أنا يا نبي الله، فقتل ذلك الرجل، ومنع الله نبيه ورفعه إليه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏شبه لهم‏}‏ قال‏:‏ صلبوا رجلا غير عيسى شبه بعيسى يحسبونه إياه، ورفع الله إليه عيسى حيا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏وما قتلوه يقينا‏}‏ قال‏:‏ يعني لم يقتلوا ظنهم يقينا‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال‏:‏ ما قتلوا ظنهم يقينا‏.‏

وأخرج ابن جرير مثله، عن جويبر والسدي‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي رافع قال‏:‏ رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة، وخفا راع، وحذافة يخذف بها الطير‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم وابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي العالية قال‏:‏ ما ترك عيسى بن مريم حين رفع إلا مدرعة صوف، وخفي راع، وقذافة يقذف بها الطير‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن عبد الجبار بن عبد الله بن سليمان قال‏:‏ أقبل عيسى ابن مريم على أصحابه ليلة رفع فقال لهم‏:‏ لا تأكلوا بكتاب الله أجرا فإنكم إن لم تفعلوا أقعدكم الله على منابر الحجر منها خير من الدينا وما فيها‏.‏ قال عبد الجبار‏:‏ وهي المقاعد التي ذكر الله في القرآن ‏(‏في مقعد صدق عند مليك مقتد‏)‏ ‏(‏القمر الآية 55‏)‏ ورفع عليه السلام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن وهب بن منبه قال‏:‏ إن عيسى لما أعلمه الله أنه خارج من الدينا جزع من الموت وشق عليه، فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما، فقال‏:‏ احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة، فلما اجتمعوا إليه من الليلة عشاهم وقام يحدثهم، فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضيهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه، فتعاظموا ذلك وتكارموه فقال‏:‏ ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه، فأقروه حتى فرغ من ذلك قال‏:‏ أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم فلا يتعظم بعضكم على بعض، وليبذل بعضكم نفسه لبعض كما بذلت نفسي لكم، وأما حاجتي التي استعنتكم عليها، فتدعون لي الله وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي، فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء، فجعل يوقظهم ويقول‏:‏ سبحان الله‏.‏‏.‏‏!‏ ما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها‏؟‏ قالوا‏:‏ والله ما ندري ما كنا لقد كنا نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا، وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه، فقال‏:‏ يذهب بالراعي وتتفرق الغنم، وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه، ثم قال‏:‏ الحق ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات، وليبيعنني أحدكم بدراهم يسيرة، وليأكلن ثمني، فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه، فأخذوا شمعون أحد الحواريين فقالوا‏:‏ هذا من أصحابه‏.‏ فجحد وقال‏:‏ ما أنا بصاحبه فتركوه‏.‏ ثم أخذه آخرون كذلك، ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى اليهود فقال‏:‏ ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح‏؟‏ فجعلوا له ثلاثين درهما، فأخذها ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك، فأخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل، فجعلوا يقودنه ويقولون‏:‏ أنت كنت تحيي الميت، وتبرئ المجنون، أفلا تخلص نفسك من هذا الحبل‏؟‏ ويبصقون عليه، ويلقون عليه الشوك، حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم، فمكث سبعا‏.‏

ثم إن أمه والمرأة التي كان يدوايها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث المصلوب، فجاءهما عيسى فقال‏:‏ علام تبكيان‏؟‏‏!‏ قالتا عليك‏.‏ قال‏:‏ إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خير، وإن هذا شيء شبه لهم، فأمروا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا، فألقوه إلى ذلك المكان أحد عشر، وقعد الذي كان باعه ودل عليه اليهود، فسأل عنه أصحابه فقالوا‏:‏ إنه ندم على ما صنع فاختنق وقتل قال‏:‏ لو تاب تاب الله عليه، ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحنا‏؟‏ فقال‏:‏ هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة فليتدبرهم وليدعهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن وهب بن منبه قال‏:‏ إن عيسى عليه السلام كان سياحا فمر على امرأة تستقي، فقال‏:‏ اسقيني من مائك الذي من شرب منه مات وأسقيك من مائي الذي من شرب منه حيي‏؟‏ قال‏:‏ وصادف امرأة حكيمة فقالت له‏:‏ أما تكتفي بمائك الذي من شرب منه حيي عن مائي الذي من شرب منه مات‏؟‏ قال‏:‏ إن ماءك عاجل ومائي آجل‏.‏ قالت‏:‏ لعلك هذا الرجل الذي يقال له عيسى بن مريم‏؟‏ قال‏:‏ فإني أنا هو، وأنا أدعوك إلى عبادة الله وترك ما تعبدين من دون الله عز وجل‏.‏ قالت‏:‏ فأتني على ما تقول ببرهان‏؟‏ قال‏:‏ برهان ذلك أن ترجعي إلى زوجك فيطلقك‏.‏ قالت‏:‏ إن في هذا لآية بينة، ما في بني إسرائيل امرأة أكرم على زوجها مني، ولئن كان كما تقول إني لأعرف أنك صادق‏.‏ قال‏:‏ فرجعت إلى زوجها وزوجها شاب غيور فقال‏:‏ ما بطؤ بك‏؟‏ قالت‏:‏ مر علي رجل فأرادت أن تخبره عن عيسى، فاحتملته الغيرة فطلقها، فقالت‏:‏ لقد صدقني صاحبي‏.‏

فخرجت تتبع عيسى وقد آمنت به، فأتى عيسى ومعه سبعة وعشرون من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم، فدخلوا عليهم وقد صورهم الله على صورة عيسى، فقالوا‏:‏ قد سحرتمونا‏؟‏ لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلكم جميعا، فقال عيسى لأصحابه‏:‏ من يشتري منكم نفسه بالجنة‏؟‏ فقال رجل من القوم‏:‏ أنا‏.‏ فأخذوه فقتلوه وصلبوه، فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى وصلبوه فظنت النصارى مثل ذلك، ورفع الله عيسى من يومه ذلك‏.‏

فبلغ المرأة أن عيسى قد قتل وصلب، فجاءت حتى بنت مسجدا إلى أصل شجرته، فجعلت تصلي وتبكي على عيسى، فسمعت صوتا من فوقها صوت عيسى لا تنكره‏:‏ أي فلانة إنهم والله ما قتلوني وما صلبوني ولكن شبه لهم، وآية ذلك أن الحواريين يجتمعون الليلة في بيتك، فيفترقون اثنتي عشرة فرقة كل فرقة منهم تدعو قوما إلى دين الله، فلما أمسوا اجتمعوا في بيتها، فقالت لهم‏:‏ إني سمعت الليلة شيئا أحدثكم به وعسى أن تكذبوني وهو الحق، سمعت صوت عيسى وهو يقول‏:‏ يا فلانة إني والله ما قتلت ولا صلبت، وآية ذلك أنكم تجتمعون الليلة في بيتي، فتفترقون اثنتي عشرة فرقة، فقالوا‏:‏ إن الذي سمعت كما سمعت، فإن عيسى لم يقتل ولم يصلب إنما قتل فلان وصلب، وما اجتمعنا في بيتك إلا لما قال، نريد أن نخرج دعاة في الأرض، فكان ممن توجه إلى الروم نسطور وصاحبان له، فأما صاحباه فخرجا، وأما نسطور فحسبته حاجة له فقال لهما‏:‏ ارفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شيء، فلما قدما الكورة التي أرادا قدما في يوم عيدهم، وقد برز ملكهم وبرز وبرز معه أهل مملكته، فأتاه الرجلان فقاما بين يديه، فقالا له‏:‏ اتق الله فإنكم تعملون بمعاصي الله وتنتهكون حرم الله مع ما شاء الله أن يقولا‏.‏

قال‏:‏ فأسف الملك وهم بقتلهما، فقام إليه نفر من أهل مملكته فقالوا‏:‏ إن هذا يوم لا تهرق فيه دما، وقد ظفرت بصاحبيك فإن أحببت أن تحبسهما حتى يمضي عيدنا ثم ترى فيهما رأيك فعلت، فأمر بحبسهما ثم ضرب على أذنه بالنسيان لهما، حتى قدم نسطور فسأل عنهما فأخبر بشأنهما وأنهما محبوسان في السجن، فدخل عليهما فقال‏:‏ ألم أقل لكما ارفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شيء، هل تدريان ما مثلكما‏؟‏ مثلكما مثل امرأة لم تصب ولدا حتى دخلت في السن فأصابت بعدما دخلت في السن ولدا، فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به، فحملت على معدته ما لا تطيق فقتلته، ثم قال لهما‏:‏ والآن فلا تستبطئاني في شيء، ثم خرج فانطلق حتى أتى باب الملك، وكان إذا جلس الناس وضع سريره وجلس الناس سمطا بين يديه، وكانوا إذا ابتلوا بحلال أو حرام رفعوا له، فنظر فيه ثم سأل عنه من يليه في مجلسه، وسأل الناس بعضهم بعضا حتى تنتهي المسألة إلى أقصى المجلس، وجاء نسطور حتى جلس في أقصى القوم، فلما ردوا على الملك جواب من أجابه، وردوا عليه جواب نسطور فسمع بشيء عليه نور وحلا في مسامعه فقال‏:‏ من صاحب هذا القول‏؟‏ فقيل‏:‏ الرجل الذي في أقصى القوم‏.‏ فقال‏:‏ علي به‏.‏ فقال‏:‏ أنت القائل كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فما تقول في كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ كذا وكذا‏.‏ فجعل لا يسأله عن شيء إلا فسره له‏.‏ فقال‏:‏ عندك هذا العلم وأنت تجلس في آخر القوم‏؟‏ ضعوا له عند سريري مجلسا‏؟‏ ثم قال‏:‏ إن أتاك ابني فلا تقم له عنه، ثم أقبل على نسطور وترك الناس، فلما عرف أن منزلته قد تثبتت قال‏:‏ لأزورنه‏.‏

فقال‏:‏ أيها الملك رجل بعيد الدار بعيد الضيعة، فإن أحببت أن تقضي حاجتك مني وتأذن لي فأنصرف إلى أهلي‏.‏ فقال‏:‏ يا نسطور ليس إلى ذلك سبيل، فإن أحببت أن تحمل أهلك إلينا فلك المواساة، وإن أحببت أن تأخذ من بيت المال حاجتك فتبعث به إلى أهلك فعلت، فسكت نسطور‏.‏

ثم تحين يوما فمات لهم فيه ميت فقال‏:‏ أيها الملك بلغني أن رجلين أتياك يعيبان دينك‏؟‏ قال‏:‏ فذكرهما فأرسل إليهما، فقال‏:‏ يا نسطور أنت حكم بيني وبينهما ما قلت من شيء رضيت‏.‏ قال‏:‏ نعم أيها الملك، هذا ميت قد مات في بني إسرائيل فمرهما حتى يدعوا ربهما فيحييه لهما ففي ذلك آية بينة، قال‏:‏ فأتي بالميت فوضع عنده، فقاما وتوضآ ودعوا ربهما فرد عليه روحه وتكلم، فقال‏:‏ أيها الملك إن في هذه لآية بينة، ولكن مرهما بغير ما أجمع أهل مملكتك، ثم قل لآلهتك، فإن كانت تقدر أن تضر هذين فليس أمرهما بشيء، وإن كان هذان يقدران أن يضرا آلهتك فأمرهما قوي، فجمع الملك أهل مملكته ودخل البيت الذي فيه الآلهة، فخر ساجدا هو ومن معه من أهل مملكته وخر نسطور ساجدا، وقال‏:‏ اللهم إني أسجد لك وأكيد هذه الآلهة أن تعبد من دونك، ثم رفع الملك رأسه فقال‏:‏ إن هذين يريدان أن يبدلا دينكم ويدعوا إلى إله غيركم، فافقأوا أعينهما أو اجذموهما أو شلوهما، فلم ترد عليه الآلهة شيئا، وقد كان نسطور أمر صاحبيه أن يحملا معهما فأسا، فقال‏:‏ أيها الملك قل لهذين أيقدران أن يضرا آلهتك‏؟‏ قال‏:‏ أتقدران على أن تضرا آلهتنا‏؟‏ قالا‏:‏ خل بيننا وبينها، فأقبلا عليها فكسراها، فقال نسطور‏:‏ أما أنا فآمنت برب هذين، وقال الملك‏:‏ وأنا آمنت برب هذين، وقال جميع الناس‏:‏ آمنا برب هذين، فقال نسطور لصاحبيه‏:‏ هكذا الرفق‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏وكان الله عزيزا حكيما‏}‏ قال‏:‏ معنى ذلك أنه كذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن يهوديا قال له‏:‏ إنكم تزعمون أن الله كان عزيزا حكيما فكيف هو اليوم‏؟‏ قال ابن عباس‏:‏ إنه كان من نفسه عزيزا حكيما‏.‏

 الآية 159

أخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ خروج عيسى بن مريم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن له قبل موته‏}‏ قال‏:‏ قبل موت عيسى‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ يعني أنه سيدرك أناس من أهل الكتاب حين يبعث عيسى، سيؤمنون به‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب‏}‏ قال‏:‏ اليهود خاصة ‏{‏إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ قبل موت اليهودي‏.‏

وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ هي في قراءة أبي قبل موتهم‏.‏ قال‏:‏ ليس يهودي أبدا حتى يؤمن بعيسى‏.‏ قيل لابن عباس‏:‏ أرأيت إن خر من فوق بيت‏؟‏ قال‏:‏ يتكلم به في الهواء‏.‏ فقيل‏:‏ أرأيت إن ضرب عنق أحدهم‏؟‏ قال‏:‏ يتلجلج بها لسانه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ لو ضربت عنقه لم تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ لا يموت يهودي حتى يشهد أن عيسى عبد الله ورسوله، ولو عجل عليه بالسلاح‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ لو أن يهوديا ألقي من فوق قصر ما خلص إلى الأرض حتى يؤمن أن عيسى عبد الله ورسوله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى‏.‏ قيل‏:‏ وإن ضرب بالسيف‏؟‏ قال‏:‏ يتكلم به‏.‏ قيل‏:‏ وإن هوى‏؟‏ قال‏:‏ يتكلم به وهو يهوي‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن أبي هاشم وعروة قالا‏:‏ في مصحف أبي بن كعب‏:‏ ‏"‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتهم‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن شهر بن حوشب في قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ عن محمد بن علي بن أبي طالب هو ابن الحنيفة، قال‏:‏ ليس من أهل الكتاب أحد إلا أتته الملائكة يضربون وجهه ودبره، ثم يقال‏:‏ يا عدو الله إن عيسى روح الله وكلمته، كذبت على الله وزعمت أنه الله، إن عيسى لم يمت وإنه رفع إلى السماء، وهو نازل قبل أن تقوم الساعة، فلا يبقى يهودي ولا نصراني إلا آمن به‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب قال‏:‏ قال لي الحجاج‏:‏ يا شهر آية من كتاب الله ما قرأتها إلا اعترض في نفسي منها شيء‏؟‏ قال الله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ وإني أوتى بالأسارى فأضرب أعناقهم ولا أسمعهم يقولون شيئا‏؟‏ فقلت‏:‏ رفعت إليك على غير وجهها، وإن النصراني إذا خرجت روحه ضربته الملائكة من قبله ومن دبره، وقالوا‏:‏ أي خبيث، إن المسيح الذي زعمت أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، عبد الله، وروحه، وكلمته، فيؤمن حين لا ينفعه إيمانه، وإن اليهودي إذا خرجت نفسه ضربته الملائكة من قبله ومن دبره، وقالوا‏:‏ أي خبيث، إن المسيح الذي زعمت أنك قتلته عبد الله، وروحه، فيؤمن به حين لا ينفعه الإيمان، فإذا كان عند نزول عيسى آمنت به أحياؤهم كما آمنت به موتاهم‏.‏ فقال‏:‏ من أين أخذتها‏؟‏ فقلت‏:‏ من محمد بن علي‏.‏ قال‏:‏ لقد أخذتها من معدنها‏.‏ قال شهر‏:‏ وأيم الله ما حدثنيه إلا أم سلمة، ولكني أحببت أن أغيظه‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ إذا نزل آمنت به الأديان كلها ‏{‏ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا‏}‏ أنه قد بلغ رسالة ربه، وأقر على نفسه بالعبودية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ إذا نزل عيسى عليه السلام فقتل الدجال، لم يبق يهودي في الأرض إلا آمن به، فذلك حين لا ينفعهم الإيمان‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي مالك ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ ذلك عند نزول عيسى ابن مريم، لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ قبل موت عيسى، والله إنه الآن حي عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أن رجلا سأله عن قوله ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ قال‏:‏ قبل موت عيسى، وإن الله رفع إليه عيسى، وهو باعثه قبل يوم القيامة مقاما، يؤمن به البر والفاجر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة خيرا من الدينا وما فيها‏.‏ ثم يقول أبو هريرة‏:‏ واقرأوا إن شئتم ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، يقتل الدجال، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويفيض المال، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين، واقرأوا إن شئتم ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته‏}‏ موت عيسى بن مريم، ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وابن جرير عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، فيقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويجمع له الصلاة، ويعطي المال حتى لا يقبل، ويضع الخراج، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما‏.‏ قال‏:‏ وتلا أبو هريرة ‏{‏وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا‏}‏ قال أبو هريرة‏:‏ يؤمن به قبل موت عيسى‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ليهلن عيسى بن مريم بفج الروحاء بالحج أو بالعمرة، أو ليثنينهما جميعا‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم، وإمامكم منكم‏؟‏‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن جرير وابن حبان عن أبي هريرة ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ الأنبياء أخوات لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد، وإني أولى الناس بعيسى بن مريم، لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وإنه خليفتي على أمتي، وأنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، عليه ثوبان ممصران، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال، ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، وتلعب الصيبان بالحيات لا تضرهم، فيمكث أربعين سنة، ثم يتوفى، ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقى عيسى بن مريم، فإن عجل بي موت فمن لقية منكم فليقرئه مني السلام‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ألا إن عيسى بن مريم ليس بينه وبيني نبي ولا رسول، إلا أنه خليفتي في أمتي من بعدي، إلا أنه يقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، وتضع الحرب أوزارها، ألا من أدركه منكم فليقرأ عليه السلام‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن أبي هريرة ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ينزل عيسى بن مريم فيمكث في الناس أربعين سنة‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ينزل ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويرجع السلم، وتتخذ السيوف مناجل، وتذهب حمة كل ذات حمة، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الأرض بركتها، حتى يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره، ويراعي الغنم الذئب ولا يضرها، ويراعي الأسد البقر ولا يضرها‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والطبراني عن سمرة بن جندب ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ إن الدجال خارج وهو أعور عين الشمال، عليها طفرة غليظة، وأنه يبرئ الأكمه والأبرص، ويحيي الموتى، ويقول‏:‏ أنا ربكم‏.‏ فمن قال‏:‏ أنت ربي فقد فتن، ومن قال ربي الله حي لا يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة عليه ولا عذاب، فيلبث في الأرض ما شاء الله، ثم يجيء عيسى بن مريم من المغرب‏.‏ ولفظ الطبراني‏:‏ من المشرق، مصدقا بمحمد وعلى ملته، فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة قالت‏:‏ دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال‏:‏ ‏"‏ما يبكيك‏؟‏ قلت‏:‏ يا رسول الله ذكرت الدجال فبكيت‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنه يخرج في يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة فينزل ناحيتها، ولها يومئذ سبعة أبواب، على كل نقب منها ملكان، فيخرج إليها شرار أهلها حتى يأتي الشام مدينة بفلسطين باب لد، فينزل عيسى بن مريم فيقتله، ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة إماما عادلا وحكما مقسطا‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم، فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض، اليوم منها كالسنة، واليوم منها كالشهر، واليوم منها كالجمعة، ثم سائر أيامه كأيامكم هذه، وله حمار يركبه عرض ما يبن أذنيه أربعون ذراعا، فيقول للناس‏:‏ أنا ربكم‏.‏ وهو أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر مهجاة، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب، يرد كل ماء منهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه، وقامت الملائكة بأبوابها ومعه جبال من خبز، والناس في جهد إلا من اتبعه، ومعه نهران أنا أعلم بهما منه، نهر يقول الجنة، ونهر يقول النار، فمن دخل الذي يسميه الجنة فهي النار، ومن دخل الذي يسميه النار فهي الجنة، وتبعث معه شياطين تكلم الناس، ومعه فتنة عظيمة، يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس، ويقتل نفسا ثم يحييه، لا يسلط على غيرها من الناس فيما يرى الناس، فيقول للناس‏:‏ أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب‏؟‏ فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام، فيأتهم فيحصرهم فيشتد حصارهم، ويجهدهم جهدا شديدا، ثم ينزل عيسى فينادي من السحر فيقول‏:‏ يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث‏؟‏ فيقولون‏:‏ هذا رجل حي فينطلقون فإذا هم بعيسى، فتقام الصلاة فيقال له‏:‏ تقدم يا روح الله، فيقول‏:‏ ليتقدم إمامكم فليصل بكم، فإذا صلوا الصبح خرجوا إليه، فحين يراه الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء، فيمشي إليه فيقتله، حتى إن الشجرة تنادي‏:‏ يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحد إلا قتله‏"‏‏.‏

وأخرج معمر في جامعه عن الزهري، أخبرني عمرو بن سفيان الثقفي، أخبرني رجل من الأنصار، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال‏:‏ يأتي سباخ المدينة وهو محرم عليه أن يدخلها، فتنتفض بأهلها نفضة أو نفضتين وهي الزلزلة، فيخرج إليه منها كل منافق ومنافقة، ثم يأتي الدجال قبل الشام حتى يأتي بعض جبال الشام فيحاصرهم، وبقية المسلمون يومئذ معتصمون بذروة جبل، فيحاصرهم نازلا بأصله، حتى إذا طال عليهم الحصار، قال رجل‏:‏ حتى متى أنتم هكذا وعدوكم نازل بأصل جبلكم، هل أنتم إلا بين إحدى الحسنيين، بين أن تستشهدوا أو يظهركم‏؟‏ فيتبايعون على القتال بيعة يعلم الله أنها الصدق من أنفسهم، ثم تأخذهم ظلمة لا يبصر أحدهم كفه، فينزل ابن مريم فيحسر عن أبصارهم وبين أظهرهم رجل عليه لأمة فيقول‏:‏ من أنت‏؟‏ فيقول‏:‏ أنا عبد الله وروحه وكلمته عيسى، إختاروا إحدى ثلاث‏:‏ بين أن يبعث الله على الدجال وجنوده عذابا جسيما، أو يخسف بهم الأرض، أو يرسل عليهم سلاحكم ويكف سلاحهم، فيقولون‏:‏ هذه يا رسول الله أشفى لصدرونا، فيومئذ ترى اليهودي العظيم الطويل الأكول الشروب لا تقل يده سيفه من الرعب، فينزلون إليهم فيسلطون عليهم، ويذرب الدجال حتى يدركه عيسى فيقتله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والحاكم وصححه عن عثمان بن أبي العاصي ‏"‏سمعت رسلو الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ يكون للمسلمين ثلاثة أمصار‏:‏ مصر بملتقى البحرين، ومصر بالجزيرة، ومصر بالشام فيفزع الناس ثلاث فزعات فيخرج الدجال في عراض جيش فيهزم من قبل المشرق، فأول مصر يرده المصر الذي بلمتقى البحرين، فيصير أهلها ثلاث فرق‏:‏ فرقة تقيم وتقول نشامه ننظر ما هو، وفرقة تلحق الأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ومع الدجال سبعون ألفا عليهم التيجان، وأكثر من معه اليهود والنساء، ثم يأتي المصر الذي يليهم فيصير أهله ثلاث فرق‏:‏ فرقة تقول نشامه وننظر ما هو، وفرقة تلحق بالأعراب، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم، ثم يأتي الشام فينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق، فيبعثون بسرح لهم فيصاب سرحهم، فيشتد ذلك عليهم، وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد، حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله، فبينما هم كذلك إذ ناداهم مناد‏:‏ من السحر أتاكم الغوث أيها الناس ثلاثا، فيقول بعضهم لبعض‏:‏ إن هذا لصوت رجل شبعان، فينزل عيسى عند صلاة الفجر، فيقول له أمير الناس تقدم يا روح الله فصل بنا، فيقول‏:‏ إنكم معشر هذه الأمة أمراء بعضكم على بعض، تقدم أنت فصل بنا، فيتقدم فيصلي بهم، فإذا انصرف أخذ عيسى حربته نحو الدجال، فإذا رآه ذاب كما يذوب الرصاص، فتقع حربته بين تندوته فيقتله ثم ينهزم أصحابه، فليس شيء يومئذ يجن أحدا منهم، حتى إن الحجر ليقول‏:‏ يا مؤمن هذا كافر فاقتله، والشجر يقول‏:‏ يا مؤمن هذا كافر فاقتله‏"‏‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏